جلـد الإنسـان
و يغلف الجسم ستار محكم بديع يحجب الأسرار التي تجري بداخله ، هذا الستار هو الجلد ، و هو من أدق و أروع الآيات المحكمات الدالة على جليل صنع الخالق ، فالجلد لا ينفذ منه الماء و لا الغازات ، رغم مسامه التي تساعد على إخراج الماء من داخل الجسم فهو يخرج الماء و لا يسمح بدخوله !...
و الجلد معرض لهجمات المكروبات و الجراثيم التي تسبح في الجو ، لذلك يسلح بافرازات قادرة على قتل تلك المكروبات ، أما إذا تغلبت الجراثيم و اجتازت منطقة الجلد ،فهنا تبدأ عملية حربية منظمة يعجز الإنسان عن إدراك عظمتها . تدق الأجراس لتنبه أعضاء الجسم على دخول عدوا لها ، و ما هذه الأجراس إلا الآلام التي يحسها الإنسان ، لتسرع فرقة حراس الحدود ، و تضرب حصارا شديدا على عدوها المغير ، فإما هزيمة و طردته خارج الجسم ، و إما اندحرت و ماتت ، فتتقدم فرقة أخرى من الصف الثاني ،، فالثالث ، و هكذا . و هذه الفرقة هي كريات الدم التي يبلغ عددها حوالي ثلاثين ألف بليون كرة بين بيضاء و حمراء ، فإذا رأيت بثرة حمراء و فيها صديد على الجلد فاعلم أن صديدها إن هو إلا فرق ماتت في سبيل واجبها ، و أن الاحمرار هو كريات دم في صراع مع عدو غادر . ومن أهم وظائف الجلد ، حفظ الجسم عند درجة ثابتة من الحرارة ، غذ أن أعصاب الأوعية الدموية في الجلد تنشطها عندما يشتد حر الجو ، كي تشع منه الحرارة . و تفرز غدد العرق ما يزيد على التر من المار فتخفض درجة حرارة الجو الملاصق للجلد . أما إذا اشتد برد الجو انقبضت الأوعية الدموية فتحتفظ بحرارتها و يقل العرق .. هذا الجهاز العجيب أعد بعناية و تقدير ليكيف حرارة الجسم فيجعلها على درجة 37 مئوية دوما في خط الاستواء أو في القطب . و ليس أبلغ مما يقوله الدكتور " رتشارد كابوت " في هذا الشأن " لقد أودع الله في أجسامنا قدرة عظيمة شافية تعين على الصحة ، و فطنة لا تنام لها عين ، و يحاول الأطباء تقليدها و معاونتها بالمبضع تارة و بالدواء أخرى ، و هذه القدرة البارعة الجبارة لا تفتأ تشد من أزرنا في كفاح العلل و الأمراض " .
و جلد الإنسان شيء خاص به ، فلا يشبه جلد إنسان إنسان أبدا كما أن الجلد نفسه يتجدد فالجلد الحالي ليس هو جلد العام الماضي فإن تجديدات الجلد مستمرة بنمو الخلايا التي في الطبقات التي تكون الجلد فكل 20 طبقة من الخلايا تكون سطح الجلد .
هناك أسرار ما زالت تكتشف لتضع الإنسان موضع العجب و الحيرة التي لا بعدها إلا التسليم بوجود الله و قدرته و عظمته .